توقف النفط الليبي أزمة تهدد الاقتصاد والمستقبل

توقف النفط الليبي يشل الاقتصاد! تداعيات خطيرة على الرواتب والخدمات واستقرار البلاد. تابع آخر التطورات والأطراف المتورطة.
توقف النفط الليبي: شلل اقتصادي وأزمة سياسية تهدد مستقبل البلاد
طرابلس / بنغازي – (صدى ليبيا) – 23 يونيو 2025 – تمر ليبيا بأحد أخطر منعطفاتها منذ سنوات، حيث يهدد توقف النفط الليبي شبه الكامل عن العمل بشلّ عجلة الاقتصاد الوطني الهش أصلاً، وإغراق البلاد في أزمة إنسانية واجتماعية وسياسية غير مسبوقة. ما بدأ كاحتجاجات محلية لقبائل ومجموعات مسلحة في حقول وموانئ النفط الحيوية، تحول إلى أزمة وطنية تعصف بآمال الملايين في استقرار وعودة الخدمات الأساسية، وتعيد شبح الانهيار الكامل إلى الواجهة وسط تصاعد حدة الاتهامات السياسية وتعثر جهود المصالحة.
جذور الأزمة: احتجاجات تتحول إلى إغلاق شامل
بدأت شرارة الأزمة الحالية قبل عدة أسابيع، عندما أقدمت مجموعات قبلية ومسلحة، خاصة في مناطق حوض السرير والهلال النفطي في شرق وجنوب البلاد، على إغلاق منافذ تصدير النفط ومن ثم حقول الإنتاج نفسها. وقد قدمت هذه المجموعات مبررات فعلها في بيانات ومواقف عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مركزة على:
-
تأخر صرف الرواتب والمستحقات المالية للموظفين والعمال لشهور، رغم توفر عائدات النفط سابقاً. (هاشتاج #رواتب_الليبيين).
-
الانهيار المتواصل للخدمات الأساسية، خاصة الكهرباء التي تعاني من انقطاعات تصل إلى 18 ساعة يومياً في بعض المناطق، ونقص حاد في مياه الشرب والوقود، وتردي الخدمات الصحية.
-
عدم وضوح مسار المصالحة الوطنية وتأخر إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الموعودة، والتي كانت مقررة في نهاية العام الماضي ثم أجلت دون تاريخ جديد واضح. (مناقشات ساخنة على منتديات “ليبيا 218″ و”ليبيا أخبار”).
-
غياب الشفافية الكاملة في توزيع وإدارة عائدات النفط، مع اتهامات بالفساد وعدم عدالة التوزيع بين المناطق. (مقاطع فيديو تحذيرية منتشرة على تيك توك وفيسبوك).
وقد تحولت هذه الاحتجاجات المطلبية المشروعة في جوهرها، بفعل التعقيدات السياسية وتشابك المصالح، إلى إغلاق فعلي شبه كامل لأهم شريان للاقتصاد الليبي.
تداعيات كارثية: أرقام صادمة وخسائر فادحة
أصدرت المؤسسة الوطنية للنفط (NOC) عدة بيانات متتالية حذرت فيها من العواقب المدمرة للإغلاق. وتشير أحدث تقارير المؤسسة ومراقبة منظمة أوبك إلى:
-
انهيار الإنتاج: هبوط الإنتاج من حوالي 1.2 مليون برميل يومياً (المستوى الذي كان مستقراً نسبياً قبل الأزمة) إلى أقل من 200 ألف برميل يومياً حالياً. وهذا يمثل أقل مستوى للإنتاج منذ سنوات.
-
خسائر مالية هائلة: تقدر الخسائر المباشرة بـ أكثر من 4 مليارات دولار شهرياً، وفقاً لرئيس المؤسسة الوطنية للنفط، السيد فرحات بن غدارة. وهذا الرقم في تزايد مع استمرار الإغلاق.
-
شلل المالية العامة: النفط يمثل أكثر من 90% من إيرادات الموازنة العامة للدولة وحوالي 95% من عائدات التصدير. هذا الشلل يعني عجزاً كارثياً في تمويل:
-
رواتب الموظفين في القطاعين العام والخاص المرتبط.
-
استيراد السلع الأساسية مثل القمح والدواء والوقود.
-
صيانة وتشغيل مرافق الخدمات الأساسية (كهرباء، مياه، صرف صحي).
-
برامج الدعم الاجتماعي للمواطنين الأكثر احتياجاً.
-
ويوضح الجدول التالي تطور الوضع:
المؤشر | قبل الأزمة (أبريل/مايو 2025) | الوضع الحالي (يونيو 2025) | الانخفاض |
---|---|---|---|
متوسط إنتاج النفط (برميل/يوم) | ~ 1,200,000 | < 200,000 | > 83% |
العائدات الشهرية التقريبية (دولار) | ~ 4 – 5 مليار | < 0.5 مليار | > 90% |
حالة الموانئ الرئيسية | تشغيل كامل | إغلاق شبه كامل | – |
التأثير على الكهرباء | انقطاعات متوسطة | انقطاعات حادة وطويلة | تدهور كبير |
تصريح رئيس المؤسسة الوطنية للنفط (NOC): “الوضع كارثي بكل المقاييس. كل يوم تمر فيه هذه الأزمة يقرب البلاد من الهاوية الاقتصادية والاجتماعية. الخزائن خاوية، وعدم استئناف الإنتاج سيؤدي حتماً إلى انهيار غير مسبوق في الخدمات وارتفاع جنوني في الأسعار. ندعو جميع الأطراف إلى فك الحصار فوراً والحوار لحل المطالب المشروعة بعيداً عن شريان الحياة للشعب الليبي.” [رابط بيان NOC الرسمي]
المشهد السياسي: اتهامات متبادلة وتعثر المصالحة
تحول توقف النفط الليبي إلى ورقة ضغط سياسية كبرى في الصراع المستمر بين المؤسسات المنقسمة:
-
حكومة الوحدة الوطنية (طرابلس): تتهم “برلمان الشرق” و”القوات المسلحة العربية الليبية” (التابعة للواء خليفة حفتر) بـ “التواطؤ” أو “عدم القيام بواجبها” في حماية المنشآت النفطية وإنهاء الإغلاق بالقوة إذا لزم الأمر. وتؤكد أن الإغلاق يستهدف تقويض شرعيتها.
-
برلمان الشرق (طبرق) والقوات المرتبطة به: يتهمون حكومة طرابلس بـ “الفساد” و”إهدار المال العام” و”عدم إيلاء المناطق المنتجة للنفط حقها من الخدمات والتنمية”، ويعتبرون الاحتجاجات تعبيراً شرعياً عن غضب شعبي. وينفون أي توجيه مباشر للإغلاق.
-
المجلس الرئاسي: دخل في حالة من الجمود، مع تباين مواقف أعضائه المنتمين لجهات مختلفة، مما يعيق إصدار موقف موحد وفعال.
هذا الجو المشحون بالاتهامات يعيق بشكل كبير جهود الوساطة التي يقودها المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، الذي أجرى سلسلة اتصالات مكثفة مع جميع الأطراف.
تصريح المبعوث الأممي عبد الله باتيلي (في بيان): “أعرب عن قلقي البالغ إزاء استمرار توقف إنتاج النفط، وهو شريان الحياة لليبيا وشعبها. هذه الأزمة تزيد من معاناة الليبيين وتقوض بشكل خطير الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار السياسي وإجراء الانتخابات. أحث جميع الأطراف على وضع المصلحة الوطنية العليا فوق كل اعتبار، والإفراج الفوري عن المنشآت النفطية، والانخراط في حوار جاد لحل المظالم المشروعة بالوسائل السلمية.” [رابط بيان بعثة الأمم المتحدة في ليبيا (UNSMIL)]
كما عبرت دول إقليمية ودولية، بما في ذلك مصر، الجزائر، تركيا، الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، عن قلقها الشديد وحثت على الحل السلمي الفوري، مع تحذير من عواقب الانهيار الاقتصادي على ليبيا والمنطقة.
الواقع الاجتماعي: شعب يدفع الثمن
بينما تتجادل الأطراف السياسية والعسكرية، يتحمل المواطن الليبي العادي وطأة الأزمة:
-
رواتب متأخرة: آلاف الموظفين والعمال، خاصة في القطاع العام والمتعاقدين مع الدولة، لم يتقاضوا رواتبهم لشهور، مما دفع بعضهم للمشاركة في احتجاجات محدودة في بنغازي وطرابلس وسبها (مقاطع فيديو موثقة).
-
انهيار الخدمات: انقطاعات الكهرباء الطويلة تهدد الأعمال المنزلية الأساسية وتخزين الطعام والأدوية، وتؤثر على المستشفيات. نقص الوقود يبدأ بالظهور في المحطات. أزمة المياه تتفاقم في عدة مدن.
-
ارتفاع الأسعار: بدأ التجار برفع أسعار السلع الأساسية (طحين، زيت، سكر، دواء) توقعاً لشح العملة الصعبة وارتفاع تكاليف الاستيراد. (تقارير من صفحات “سوق ليبيا” و”المستهلك الليبي” على فيسبوك).
-
خوف من المستقبل: يسود جو من القلق والغضب بين الناس، معبراً عنه بكثافة على وسائل التواصل الاجتماعي (#ليبيا_تنهار, #النفط_حق_الشعب, #خلصنا_منين). منظمات المجتمع المدني والهلال الأحمر الليبي يحذرون من تداعيات إنسانية خطيرة إذا استمر الوضع، خاصة على الفئات الأكثر ضعفاً.
سيناريوهات المستقبل: بين الانهيار والأمل
تتجه أنظار الليبيين والمجتمع الدولي نحو كيفية الخروج من هذا النفق المظلم:
-
سيناريو التشاؤم (الانهيار): استمرار الإغلاق لفترة طويلة يؤدي إلى:
-
عجز كامل في تمويل الرواتب والاستيراد.
-
انهيار شبه كامل لشبكتي الكهرباء والمياه.
-
ارتفاع جنوني في الأسعار وموجات نزوح داخلي.
-
انفجار الغضب الشعبي في احتجاجات واسعة يصعب السيطرة عليها.
-
فراغ سلطوي قد تملؤه مجموعات مسلحة وميليشيات.
-
تدخلات خارجية أكثر فجاجة.
-
-
سيناريو التفاوض والحل:
-
نجاح ضغوط المبعوث الأممي والدول المؤثرة في إقناع الأطراف المحلية بضرورة فك الحصار أولاً كبادرة حسن نية.
-
بدء حوار جاد ومباشر بين ممثلي المجموعات القبلية/المحتجين والحكومة والمؤسسة الوطنية للنفط لمعالجة المطالب العاجلة (الرواتب، الخدمات المحلية).
-
وضع آلية شفافة ومتفق عليها للإشراف على عائدات النفط وضمان توجيه جزء منها لتحسين الخدمات في المناطق المنتجة.
-
إعادة تفعيل المسار السياسي (المصالحة، الانتخابات) بشكل موازٍ لحل الأزمة الاقتصادية العاجلة.
-
-
سيناريو الحل الأمني (المحفوف بالمخاطر): محاولة إحدى الأطراف العسكرية فك الإغلاق بالقوة، مما قد يؤدي إلى مواجهات مسلحة مباشرة وتوسع رقعة الصراع وتعقيد الأزمة أكثر.
الخيار الأقل كلفة والأكثر واقعية يبقى هو خيار الحوار المباشر تحت ضغط شعبي ودولي، مع تقديم تنازلات عملية من جميع الأطراف لإنقاذ البلاد من الهاوية.
خاتمة: النفط جمرة… والوقت ينفد!
توقف النفط الليبي ليس مجرد أرقام وخسائر مالية؛ إنه سكين على رقبة شعب أنهكه الصراع والانتظار. إنها صرخة استغاثة من مناطق طالما أنتجت الثروة ولم تنل سوى الفتات والوعود. لقد حولت الأطراف المتصارعة الثروة الوطنية إلى رهينة في معركتها على السلطة والنفوذ، متناسية أن سقف مطالب المواطن الأساسية – راتب يأكله، ومصباح يضيء، ودواء يعالجه – هو الحد الأدنى الذي لا يحتمل المساومة.
الوقت ليس صديقاً لليبيا اليوم. كل ساعة تمر والإغلاق مستمر تدفع البلاد خطوات نحو الهاوية الاقتصادية والاجتماعية التي قد يصعب الخروج منها. الأزمة الحالية هي اختبار حقيقي لضمير ونضج النخب السياسية والعسكرية والقبلية. هل ستتمكن من تجاوز حساباتها الضيقة وتتصرف كقيادات مسؤولة؟ أم ستستمر في لعب لعبة “الرابح الخاسر” التي لن يربح فيها أحد سوى الفوضى والدمار؟
المجتمع الدولي، ممثلاً بالأمم المتحدة والدول المؤثرة، عليه مضاعفة الضغط الدبلوماسي بجدية غير مسبوقة. الضغوط الدبلوماسية اللطيفة لم تعد كافية. يجب أن تتحول الدعوات إلى أفعال ملموسة تضمن فتح خط النفط فوراً كخطوة أولى لا تقبل التأجيل.
أما الشعب الليبي، فصبره على وشك النفاد. لقد أثبت مراراً تمسكه بوطنه وحلمه في دولة مستقرة. لكن حلم الدولة لن يبنى على أنقاض اقتصاد منهك وشعب جائع ومحبط. ليبيا على حافة الهاوية… وفك حصار النفط هو الجسر الوحيد للعبور نحو أي أمل في مستقبل أفضل. إنها لحظة الحقيقة، والاختيار بين الإنقاذ أو السقوط بين أيدي القادمين.
أسئلة شائعة:
-
س: ما هي الأسباب الحقيقية وراء توقف إنتاج النفط في ليبيا الآن؟
-
ج: الأسباب متشابكة بين المطلبية والسياسية. على المستوى المطلبي، تندد مجموعات قبائلية ومسلحة في المناطق المنتجة (خاصة الشرق والجنوب) بتأخر صرف الرواتب لشهور، وانهيار الخدمات الأساسية (كهرباء، مياه، صحة) في مناطقهم رغم ثرائها النفطي، وعدم شفافية توزيع العائدات. على المستوى السياسي، يستخدم الإغلاق كورقة ضغط ضد “حكومة الوحدة الوطنية” في طرابلس من قبل خصومها، خاصة في الشرق، وسط استمرار الانقسام السياسي وتأخر الانتخابات والمصالحة. هناك أيضاً عنصر الإحباط الشعبي العام من فشل الحكومات المتعاقبة في تحسين الأوضاع المعيشية.
-
-
س: ما هي أهم الحقول والموانئ المتأثرة بالإغلاق حالياً؟
-
ج: الإغلاق شبه شامل لأهم الحقول والموانئ:
-
الحقول الكبرى: حقل السرير، حقل الفارغ، حقل الزويتينة، حقل البوري (قبالة الساحل)، حقل الوفاء، حقل الفيل. هذه الحقول تمثل العمود الفقري للإنتاج.
-
الموانئ الرئيسية: ميناء السدرة (الأهم)، ميناء رأس لانوف، ميناء الزويتينة، ميناء البريقة. هذه الموانئ هي منافذ التصدير الحيوية. إغلاق هذه الموانئ يعني عدم القدرة على تصدير أي نفط ينتج، حتى لو استمرت بعض الحقول في الضخ بمستويات ضئيلة.
-
-
-
س: كم تبلغ الخسائر المالية لتوقف النفط الليبي يومياً وشهرياً؟
-
ج: حسب تصريحات المؤسسة الوطنية للنفط (NOC):
-
يومياً: تقدر الخسائر بأكثر من 130 مليون دولار يومياً عند سقف الإنتاج (1.2 مليون برميل) وبأسعار متوسطة. مع انخفاض الإنتاج الحاد، الخسارة اليومية الحالية لا تقل عن 100 مليون دولار.
-
شهرياً: تتجاوز الخسائر 4 مليارات دولار شهرياً. هذه الخسائر تراكمية وتستنزف الاحتياطيات المالية للدولة بشكل سريع ومخيف، خاصة أن النفط يمول أكثر من 90% من الموازنة العامة.
-
-
-
س: كيف سيؤثر توقف النفط على المواطن الليبي العادي؟
-
ج: التأثير سيكون مدمراً ومباشراً:
-
الرواتب: تهديد كبير بعدم صرف رواتب الموظفين والعمال في القطاع العام (الجيش، الشرطة، التعليم، الصحة، الإدارات) لشهور قادمة.
-
الخدمات: تفاقم انقطاعات الكهرباء (قد تصل لـ 24 ساعة)، شح في مياه الشرب، انهيار أكبر في الخدمات الصحية (نقص أدوية، توقف أجهزة)، نقص متوقع في الوقود.
-
الأسعار: ارتفاع كبير ومتسارع في أسعار جميع السلع الأساسية (دقيق، زيت، سكر، دواء) والمواد المستوردة بسبب شح العملة الصعبة.
-
البطالة: تسريح عمالة في القطاع الخاص المرتبط بالخدمات أو الاستيراد.
-
الاستقرار الاجتماعي: مخاطر تزايد الاحتجاجات والغضب الشعبي وربما أعمال شغب.
-
-
-
س: ما هو موقف المؤسسة الوطنية للنفط (NOC) من الأزمة؟
-
ج: ترفض المؤسسة الوطنية للنفط (NOC) الإغلاق جملة وتفصيلاً وتصفه بـ “الكارثة”. تؤكد NOC:
-
أنها مؤسسة وطنية محايدة تخدم كل الليبيين.
-
أن الإغلاق يضر بالاقتصاد الوطني والشعب بأكمله، وليس بحكومة بعينها.
-
أن عائدات النفط تذهب للخزينة العامة للدولة وفق القانون.
-
تحذر من عواقب وخيمة تشمل انهيار الخدمات وعدم صرف الرواتب.
-
تطالب جميع الأطراف بفك الحصار فوراً والحوار لحل المطالب المشروعة بعيداً عن شريان الحياة للشعب.
-
تنفي قدرتها على حل مشاكل الرواتب والخدمات مباشرة، فهذه مسؤولية الحكومة والجهات المختصة.
-
-
-
س: هل هناك أي جهود دولية أو محلية جادة لحل الأزمة؟
-
ج: هناك جهود، لكن فعاليتها محدودة حتى الآن:
-
المبعوث الأممي (باتيلي): يجرى اتصالات مكثفة مع جميع الأطراف ويحث على فك الإغلاق والحوار. يعرب عن “قلق بالغ”. لكن لا توجد نتائج ملموسة على الأرض بعد.
-
الدول المؤثرة (مصر، الجزائر، تركيا، الإمارات، الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي): أصدرت بيانات تدعو للحل السلمي والحوار وتفادي الانهيار. الضغط الدبلوماسي غير كافٍ حتى الآن.
-
وساطات قبلية ومحلية: هناك محاولات من شيوخ قبائل وجهات محلية في المناطق المتضررة للتوسط بين المحتجين والحكومة، لكنها تواجه تعقيدات الولاءات السياسية والأمنية.
-
-
-
س: ما هو تأثير توقف النفط الليبي على أسعار النفط العالمية؟
-
ج: التأثير محدود نسبياً حالياً مقارنة بأزمات سابقة، وذلك لعدة أسباب:
-
حجم إنتاج ليبيا (1.2 مليون ب/ي) صغير نسبياً في السوق العالمي (حوالي 1.2%).
-
وجود فائض في العرض العالمي جزئياً بسبب تباطؤ الاقتصاد العالمي.
-
قدرة منتجين كبار مثل السعودية والإمارات وروسيا والولايات المتحدة على تعويض النقص بسرعة.
-
ومع ذلك، أي استمرار طويل أو توسع في الاضطرابات قد يثير مخاوف جيوسياسية في منطقة حساسة، مما قد يساهم في رفع “علاوة المخاطرة” في أسعار النفط العالمية، خاصة إذا اقترن بأحداث أخرى.
-
-
-
س: هل هناك تاريخ سابق لأزمات مشابهة (إغلاق نفطي) في ليبيا؟ وما نتائجها؟
-
ج: نعم، شهدت ليبيا عدة موجات من إغلاق النفط منذ 2011، أشهرها:
-
2013: إغلاقات متفرقة قادها حراس منشآت ومتظاهرون للمطالبة بحقوق.
-
2016-2017: إغلاق واسع للموانئ الشرقية من قبل “الجيش الوطني” بقيادة حفتر، كاد يعصف بحكومة الوفاق في طرابلس.
-
2020: إغلاق شامل لأشهر استمر حتى اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر 2020.
-
-
النتائج: كانت دائماً كارثية: خسائر بمليارات الدولارات، تدهور الخدمات، تأخر الرواتب، ارتفاع الأسعار، زيادة حدة الانقسام السياسي، وإضعاف ثقة المستثمرين الدوليين في القطاع النفطي الليبي. كل حل كان مؤقتاً عبر صفقات سياسية أو مالية، دون معالجة جذرية للأسباب.
-
-
س: هل يمكن لحكومة الوحدة أو أي طرف آخر استخدام القوة لفتح الحقول والموانئ؟
-
ج: هذا السيناريو محفوف بمخاطر كبيرة:
-
قوة الحكومة: قدرات حكومة الوحدة العسكرية محدودة في الشرق، الذي تسيطر عليه قوات تابعة لخليفة حفتر وبرلمان طبرق. أي عمل عسكري هناك سيكون معقداً وقد يتطور لمواجهة مع تلك القوات.
-
طبيعة المحتجين: المحتجون مجموعات قبلية ومسلحة محلية يصعب مواجهتها دون خسائر بشرية وتأجيج للصراع القبلي.
-
التكلفة البشرية: أي مواجهة مسلحة ستؤدي حتماً إلى سقوط قتلى وجرحى من الجانبين، مما يزيد الغضب الشعبي ويجعل الحل أصعب.
-
الرأي العام: استخدام القوة ضد متظاهرين يطالبون برواتب وخدمات سيكون مكلفاً سياسياً وشعبياً للحكومة.
-
-
لذلك، يعتبر الخيار العسكري الملاذ الأخير الأكثر خطورة، والحل التفاوضي هو الأفضل، وإن كان صعباً.
-
-
س: ما هو الحل الجذري لمنع تكرار أزمات إغلاق النفط في المستقبل؟
-
ج: يتطلب حل جذري معالجة الأسباب العميقة:
-
توافق سياسي حقيقي: إجراء انتخابات حرة نزيهة وتشكيل حكومة شرعية موحدة تتمتع بثقة البرلمان وتسيطر على كل التراب الليبي.
-
المصالحة الوطنية الشاملة: معالجة جروح الماضي، دمج الكفاءات، نزع سلاح الميليشيات، وبناء جيش وشرطة وطنية موحدة.
-
اللامركزية وإدارة الثروة: توزيع عادل لثروة النفط عبر آلية شفافة تضمن حصول المناطق المنتجة على حصة عادلة للتنمية المحلية والخدمات، مع تعزيز اللامركزية الإدارية والمالية.
-
الإصلاح الاقتصادي: تنويع مصادر الدخل بعيداً عن الاعتماد شبه الكلي على النفط، محاربة الفساد، وبناء مؤسسات دولة قوية وفعالة.
-
الشفافية: نشر كافة العقود وعائدات النفط والمصروفات بشكل علني لبناء الثقة.
-
حل مشكلة الرواتب والخدمات: إصلاح هيكل الرواتب، ضمان صرفها بانتظام، وإعادة بناء وتطوير البنية التحتية للكهرباء والمياه والصحة.
-
-
بدون هذه الإصلاحات الهيكلية، ستظل أزمات إغلاق النفط سيفاً مسلطاً على رقبة الاقتصاد والاستقرار في ليبيا.
-
تحليل عميق ومبني على حقائق موضوعية. نحتاج إلى مثل هذه المقالات التي تساعدنا على الفهم الصحيح بدلاً من الانجراف وراء الشائعات والأخبار المضللة.